للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه عاقل، ولا يدعي عاقل أن الإيمان أو الصلاة أو الحج أو غير ذلك من العبادات المتناولة لأمور، إذا زال بعضها بقي ذلك المجتمع المركب كما كان قبل زوال بعضه. . ولكن لا يلزم زوال بقية الأجزاء.

وأما زوال الاسم فيقال لهم هذا (أولا) بحث لفظي، إذا قدر أن الإيمان له أبعاض وشعب، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان (١)»، كما أن الصلاة والحج له أجزاء وشعب، ولا يلزم من زوال شعبة من شعبه زوال سائر الأجزاء والشعب، كما لا يلزم من زوال بعض أجزاء الحج والصلاة زوال سائر الأجزاء، فدعواهم أنه إذا زال بعض المركب زال البعض الآخر ليس بصواب، ونحن نسلم لهم أنه ما بقي إلا بعضه لا كله وأن الهيئة الاجتماعية ما بقيت كما كانت. بقي النزاع هل يلزم زوال الاسم بزوال بعض الأجزاء، فيقال لهم: المركبات في ذلك على وجهين، منها: ما يكون التركيب شرطا في إطلاق الاسم، ومنها: ما لا يكون كذلك، فالأول كاسم العشرة. . . ومنها ما يبقى الاسم بعد زوال بعض الأجزاء وجميع المركبات المتشابهة الأجزاء من هذا الباب وكذلك كثير من المختلفة الأجزاء، فإن المكيلات والموزونات كالحنطة تسمى حنطة وهي بعد النقص حنطة، وكذلك التراب والماء ونحو ذلك. وكذلك لفظ العبادة والطاعة. . ونحو ذلك مما يدخل فيه أمور كثيرة، يطلق الاسم عليها قليلها وكثيرها. . وكذلك لفظ القرآن يقال على جميعه وعلى بعضه. . وإذا كانت المركبات على نوعين بل غالبها من هذا النوع لم يصح قولهم إنه إذا زال جزؤه لزم أن يزول الاسم إذا أمكن أن يبقى الاسم مع بقاء الجزء الباقي.


(١) رواه البخاري في الإيمان، باب أمور الإيمان جـ ١ صـ ٨. ومسلم في الإيمان باب بيان عدد شعب الإيمان. مسلم (بشرح النووي) جـ ٢ صـ ٣. وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة، انظر: جامع الأصول جـ ١حديث ١٩.