للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النار، وقوم يخلدون فيها أبدا، وهم أهل الشرك والتكذيب والجحود والكفر بالله عز وجل (١).

ويقول ابن تيمية: وهم - أي أهل السنة - في باب الأسماء والأحكام والوعد والوعيد وسط بين الوعيدية الذين يجعلون أهل الكبائر من المسلمين مخلدين في النار، ويخرجونهم من الإيمان بالكلية، ويكذبون بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -. وبين المرجئة الذين يقولون: إيمان الفساق مثل إيمان الأنبياء. . ويكذبون بالوعيد والعقاب بالكلية، فيؤمن أهل السنة والجماعة بأن فساق المسلمين معهم بعض الإيمان وأصله، وليس معهم جميع الإيمان الواجب الذي يستوجبون به الجنة، وأنهم لا يخلدون في النار بل يخرج منها من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان أو مثقال خردلة من إيمان، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ادخر شفاعته لأهل الكبائر من أمته (٢).

ويقول الإمام الطحاوي: وأهل الكبائر من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون، وإن لم يكونوا تائبين بعد أن لقوا الله عارفين وهم في مشيئته وحكمه إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله، كما ذكر عز وجل في كتابه: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٣). وإن شاء عذبهم في النار بعدله ثم يخرجهم منها برحمته، وبشفاعة الشافعين من أهل طاعته ثم يبعثهم إلى جنته (٤).

ومن هذه النصوص يتضح: أن أهل السنة وسط في حكم مرتكب الكبيرة الذي مات من غير توبة: فلم يقولوا: بعدم دخوله النار كما قالت


(١) السنة للإمام أحمد صـ ٧٢ - ٧٣.
(٢) الفتاوى جـ ٣ صـ ٣٧٤.
(٣) سورة النساء الآية ٤٨
(٤) الطحاوية (مع الشرح) صـ ٤١٦ - ٤١٧.