اللغة البهلوية. وكذلك الأمر في اللغة التركية ولغة الأكراد وسائر لغات آسيا وأفريقيا، فقد فقدت كل لغة من هذه اللغات أكثر خصائصها الجاهلية ودخلت في عربية القرآن، بحيث إنه لو أن أحدا أراد - مثلا - أن يكتب شيئا بالفارسية بحيث تكون كتابة خلوا من الألفاظ العربية لتعسر عليه الأمر.
ولسنا هنا بصدد الحديث عن الصلات القوية بين اللغتين العربية والفارسية، بل المقصود هو أن نبين أن هاتين اللغتين برغم تداخلهما القوي، فإن اللغة العربية تتميز عن الفارسية وغيرها من اللغات في بنائها التعبيري، ومن أبرز ما تتميز به اللغة العربية في تعبيرها عن اللغة الفارسية:
أولا: أن الجملة في اللغة الفارسية تختلف في تركيبها عن الجملة في اللغة العربية، فعلى الرغم من أن الجملة تنقسم إلى قسمين: اسمية وفعلية كما في العربية، فإن الجملة الاسمية في اللغة الفارسية تزيد في تكوينها عن العربية جزءا ثالثا وهو الرابطة التي تربط الجزءين الرئيسيين وهما المبتدأ والخبر، وتختلف هذه الرابطة باختلاف المبتدأ أو المسند إليه، وكذلك الحال بالنسبة للجملة الفعلية فهي تختلف مع العربية في ترتيب أجزائها، ففي العربية تبدأ الجملة الفعلية بالفعل في حين تنتهي الجملة الفعلية في الفارسية بالفعل، وهذا الاختلاف يجعل الترجمة تغييرا في المعنى، فلكل كلمة استخدامها في وضعها بالجملة إن كانت الكلمة مقدمة أو مؤخرة، فلكل كلمة مقامها الذي يتطلب استعمالها.
وعلى هذا النمط العربي نجد البيان القرآني في بنائه التعبيري يقدم الفعل إذا كان الحديث عن الفعل هو المهم أو المقصود بالحديث، وذلك نحو قوله تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ}(١). إذ المقصود الحديث