للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جهة الإصدار مع الأخذ بعين الاعتبار مركز الدولة الاقتصادي ودخلها المستمر في مجالات الإنتاج.

ولا علاقة للغطاء الذهبي بقوة العملة فالمارك الألماني والين الياباني من أقوى عملات العالم وهي غير مغطاة بالذهب ولم يسبب لها ذلك ضعفا، والأهم من الغطاء الذهبي هو تحديد العلاقة بين كمية النقود ومستوى الأسعار في المجتمع. هذه العلاقة هي التي تمنع الدول الفقيرة من زيادة كمية النقود فيها لأن كثرة السيولة أمام قلة الموارد سيرفع الأسعار وتنخفض قوة النقود الشرائية وتصبح ورقا تافها لا يسد جوعة ولا يبل ريق عطشان.

وطرح النقود بهذا الأسلوب لم يختلف منذ تدخلت الدولة لتنظيم الإصدار، فعندما كان الذهب يعتلي عرش النقود كانت دور السكة تخضع لرقابة الدولة بل هي إحدى سلطات الخليفة ووظائفه كما ذكرها ابن خلدون في المقدمة (١) ولكن اهتزاز الذهب بعد الحرب الكونية الأولى وبعد الكساد العالمي (٢) - ١٢٩٩م - جعل أسلوب طرح النقود بالشكل المذكور ينطبق على النقد الورقي أكثر من انطباقه على الذهب والفضة.

وقد حاول صندوق النقد الدولي تنفيذا لاتفاقية (بريتون وودز) (٣) إلزام أعضائه تحديد قيمة عملاتهم بالذهب، ولكن التطورات التي شهدها العالم منذ الخمسينات إلى اليوم جعل الذهب تابعا للسياسات النقدية وليس العكس، ولا شك أن التعامل بالذهب والفضة كنقدين بأصل الخلقة أمر اتفق عليه البشر جميعا حتى أن فقهاءنا - رحمهم الله - لا يسبغون روح النقدية إلا على هذين المعدنين، ويميزون النقد الاصطلاحي عنهما في بعض الأحكام ولكنهم


(١) مقدمة ابن خلدون في حديثه عن وظائف السلطان.
(٢) النقود والبنوك م. هاشم.
(٣) النقود والبنوك، د. إسماعيل محمد هاشم.