أما الذهب والفضة فسعرهما ثابت لا يتغير، والذي تغير إنما هو أسعار السلع الأخرى.
ولكن هل يصح على الإطلاق أن الذهب والفضة يتمتعان بقيمة ثابتة مستقرة تحكم على السلع بقوة واحدة. إنني أحسب والله أعلم أن الذهب والفضة كنقد متداول تخضع للتحليل الاقتصادي السابق، وأن قوتها الشرائية تتوقف أيضا على كميتها وسرعة تداولها وحجم السلع والخدمات المعروضة في السوق. فلو فرضنا أن النقد الموجود من الذهب الخالص وقد حجب نصف كميته عن التداول بإذابته حليا أو باكتنازه فإن القوة الشرائية للكمية الباقية سترتفع بشكل خطير وتحدث أزمة اقتصادية نقدية لا فرق في ذلك بين الذهب والفضة وأي سلعة أخرى أضفى عليها المجتمع صفة النقدية وكذلك لو زادت كمية المسكوكات الذهبية إلى حد يزيد عن مقدار السلع والخدمات لنقصت قوة الذهب الشرائية أيضا. ولهذا أجد في نفسي شيئا من حصر مفهوم قيمة النقود بنسبتها للذهب وإهمال القوة الشرائية بالنسبة للسلع والخدمات. ومع ذلك فإن الفقهاء قد تناولوا في فروعهم رخص الذهب والفضة، ومن حقنا أن نسألهم تجاه ماذا لو رخصت قيمة الذهب والفضة، وما هو المقياس الجديد؟.
إن التغير الذي حصل إنما هو قوة النقود الشرائية، ولكن لأنه لا بد من مقياس للقيمة فلا بد من الاعتراف بثبات قيمة الذهب والفضة ولو إلى حد ما.