للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحاديث الصحيحة وما جاء في معناها كلها تدل على وجوب النصح والبيان والصدق في المعاملات، وعلى تحريم الكذب والغش والخيانة في ذلك، كما تدل على أن الصدق والنصح من أسباب البركة في المعاملة، وأن الكذب والغش من أسباب محقها، ومن النصح والأمانة بيان العيوب الخفية للمشتري والمستأجر، وبيان حقيقة الثمن والسوم عند الإخبار عنهما. ومن الغش والخيانة الزيادة في السوم أو الثمن ليبذل المشتري أو المستأجر مثل ذلك أو قريبا منه. وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع رجلا بسلعة بعد العصر فحلف له بالله لأعطي بها كذا وكذا فصدقه وهو على غير ذلك، ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا للدنيا فإن أعطاه منها وفى، وإن لم يعطه منها لم يف، (١)» فالواجب على جميع المسلمين تقوى الله في المعاملة والحذر من أسباب غضب الله وأليم عقابه الذي توعد به أصحاب الغش والخيانة والكذب، كما يجب على الجميع التواصي بالصدق والنصح وتقوى الله في جميع الأمور؛ لأن في ذلك سعادة الدنيا والآخرة وصفاء القلوب وصلاح المجتمع، وفي ذلك أيضا حصول البركة في المعاملة والسلامة من أكل الحرام ومن ظلم المسلم لأخيه.

وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه (٢)». وقال - عليه الصلاة والسلام -: «مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى (٣)».

وأسأل الله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين، ويجمع قلوبهم على التقوى، ويصلح قادتهم، ويمنحهم جميعا الصدق والنصح في جميع الأمور والتعاون على البر والتقوى، إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. . .


(١) أحمد ٢/ ٢٥٣، ٤٨٠، والبخاري ٣/ ٧٦، ١٦٠، ٨/ ١٢٤، ومسلم ١/ ١٠٣ برقم (١٠٨)، وأبو داود ٣/ ٧٤٩، ٧٥٠ برقم (٣٤٧٤، ٣٥٧٥)، والترمذي ٤/ ١٥٠ - ١٥١ برقم (١٥٩٥) ببعضه، والنسائي ٧/ ٢٤٧ برقم (٤٤٦٢)، وابن ماجه ٢/ ٧٤٤، ٩٥٨ برقم (٢٢٠٧، ٢٨٧٠)، وابن أبي شيبة ٦/ ٢٥٧، وأبو عوانة ١/ ٤١، وابن حبان ١١/ ٢٧٤ برقم (٤٩٠٨) بنحوه، والبيهقي في (السنن) ٥/ ٣٣٠، ٨/ ١٦٠، وفي (الأسماء والصفات) ١/ ٥٥١ برقم (٤٧٧) (ت: الحاشدي)، والبغوي ١٠/ ١٤٢ برقم (٢٥١٦) (بنحوه).
(٢) صحيح البخاري الصلاة (٤٨١)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (٢٥٨٥)، سنن الترمذي البر والصلة (١٩٢٨)، سنن النسائي الزكاة (٢٥٦٠)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٤٠٥).
(٣) صحيح البخاري الأدب (٦٠١١)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (٢٥٨٦)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٧٠).