للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معرفته، وتوحيده، وخلقهم لهذا الأمر، خلقهم ليعبدوه ويطيعوه، ولكنه سبحانه لعلمه بأحوالهم وأن عقولهم لا يمكن أن تستقل بمعرفة تفاصيل عبادته التي ترضيه عز وجل، ولا يمكن أن تستقل بمعرفة الأحكام العادلة التي ينبغي أن يسيروا عليها، ولا يمكن أن تستقل بمعرفة الأخلاق والصفات التي ينبغي أن يتخلقوا بها، أرسل سبحانه وتعالى رسلا مبشرين ومنذرين، ليوجهوا أهل الأرض من المكلفين إلى توحيده سبحانه والإخلاص له، وبيان الأخلاق والأعمال التي ترضيه سبحانه، وليحذروهم من الأعمال والأخلاق التي تغضبه عز وجل، وليرسموا لهم النظم والخطط التي ينبغي أن يسيروا عليها، وأنزل الكتب لإيضاح هذا الأمر وبيانه؛ لأنه سبحانه هو العالم بأحوال عباده، العالم بما يصلحهم، العالم بما فيه سعادتهم العاجلة والآجلة، فهو عالم بأحوالهم الحاضرة، وبأحوالهم الماضية، وبأحوالهم المستقبلة، فلهذا أرسل الرسل، وأنزل الكتب لبيان حقه والإرشاد إليه، وتوجيه الناس إلى أسباب النجاة وإلى طرق السعادة في المعاش والمعاد، وأنزل الكتب لبيان هذا الأمر العظيم، قال جل وعلا في كتابه المبين: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} (١)، وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} (٢) {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (٣) {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} (٤) {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا} (٥) وقال عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٦)


(١) سورة البقرة الآية ٢٥٧
(٢) سورة الأحزاب الآية ٤١
(٣) سورة الأحزاب الآية ٤٢
(٤) سورة الأحزاب الآية ٤٣
(٥) سورة الأحزاب الآية ٤٤
(٦) سورة الذاريات الآية ٥٦