للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بتقرير النبي- صلى الله عليه وسلم- وشرعه؛ لأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أخبر بذلك وأقره، فدل ذلك على أن هذا هو شرعه في آخر الزمان، واختلف أهل العلم فيما عدا هذه الطوائف الثلاث من العجم وعباد الأوثان، فقال بعض أهل العلم: تؤخذ الجزية من جميع المشركين عربهم وعجمهم، ولا يستثنى أحد، وهذا هو المنقول عن مالك، ونسبه إليه القرطبي - رحمه الله- في تفسيره والحافظ ابن كثير في تفسيره، وهو: أن الجزية تؤخذ من الجميع من العرب والعجم.

وقال أبو حنيفة، رحمه الله: تؤخذ من العجم جميعا كاليهود والنصارى والمجوس ولا تؤخذ من العرب.

وقال أحمد - رضي الله عنه- والشافعي - رضي الله عنه- وجماعة من العلماء: إنما تؤخذ من أهل الكتاب والمجوس فقط، لأن الأصل قتال الكفار وعدم رفع السيف عنهم حتى يسلموا، ولم يأت رفع السيف بعد بذل الجزية إلا في هذه الطوائف الثلاث اليهود والنصارى والمجوس.

جاء الكتاب في اليهود والنصارى، وجاءت السنة الصريحة في المجوس، ومن سواهم لا يرفع عنهم السيف، بل لا بد من الإسلام أو السيف فقط، لأن الله جل وعلا قال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (١) ولم يقل: أو كفوا عنكم، وقال: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} (٢) فعمم بقتالهم جميعا، وتعليق الحكم بالوصف المشتق يدل على أنه هو العلة، فلما علق الحكم بالمشركين والكفار ولمن ترك الدين ولم يدن بالحق عرف أن هذا هو العلة وأنه هو المقتضي لقتالهم، فالعلة الكفر بالله مع شرط كونه من أهل القتال لا من غيرهم، فإذا كانوا من أهل القتال قاتلناهم حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية إن كانوا من اليهود والنصارى والمجوس، أو حتى يسلموا فقط


(١) سورة التوبة الآية ٥
(٢) سورة التوبة الآية ٥