للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المودودي -رحمه الله- رسالة في الجهاد وبين فيها بطلان هذا القول وأنه قول لا أساس له من الصحة.

ومن تأمل أدلة الكتاب والسنة ونظر في ذلك بعين البصيرة وتجرد عن الهوى والتقليد عرف قطعا بطلان هذا القول وأنه لا أساس له.

ومما جاء في السنة في هذا الباب مؤيدا للكتاب العزيز ما رواه الشيخان عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله (١)».

وما رواه الشيخان أيضا من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وصلوا صلاتنا وأكلوا ذبيحتنا واستقبلوا قبلتنا فلهم ما لنا وعليهم ما علينا (٢)».

ومن ذلك ما رواه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله (٣)».

ومن هذا ما رواه مسلم في الصحيح أيضا عن طارق بن أشيم الأشجعي رضي الله عنه أن النبي قال: «من قال لا إله إلا الله»، وفي لفظ: «من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله (٤)».

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وكلها تدل على أن القتال شرع لإزالة الكفر والضلال ودعوة الكفار للدخول في دين الله، لا لأنهم اعتدوا علينا فقط، ولهذا قال: «فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها (٥)» ولم يقل: فإذا كفوا عنا أو اعتزلونا، بل قال: «حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا


(١) صحيح البخاري الإيمان (٢٥)، صحيح مسلم الإيمان (٢٢).
(٢) سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٩٣)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٤٥).
(٣) صحيح البخاري الجهاد والسير (٢٩٤٦)، صحيح مسلم الإيمان (٢١)، سنن الترمذي الإيمان (٢٦٠٦)، سنن النسائي تحريم الدم (٣٩٧١)، سنن أبو داود الجهاد (٢٦٤٠)، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٢٨)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ١١).
(٤) صحيح مسلم الإيمان (٢٣)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٩٤).
(٥) صحيح البخاري الإيمان (٢٥)، صحيح مسلم الإيمان (٢٢).