للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخطبة فكانت واجبة للأمر بالسعي لها، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم داوم عليها مقترنة بصلاة الجمعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (١)» فوجب قرنها بالجمعة كما قرنها بها صلى الله عليه وسلم.

وقال جماعة: إن الخطبة ليست شرط صحة في الجمعة، منهم الحسن وابن الماجشون، لأنها ليست المرادة بالذكر في الآية وليست صلاة فلم تكن مأمورا بها في الآية ولا في الحديث، وإنما هي من فعله صلى الله عليه وسلم داوم عليه فكانت سنة لا تبطل الجمعة بتركها.

ومن قالوا بوجوب الخطبة منهم من لم يوجب الخطبة الثانية كمالك والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي، فيجزئ عندهم خطبة واحدة، وإذا كانت الخطبة مختلفا في أصلها وكان الخلاف في الثانية قويا فصلاتكم الجمعة مع نسيان الخطبة الثانية صحيحة إن شاء الله في رأي كثير من أئمة الفقهاء، ولكن يجب على المأموم تنبيه الخطيب إذا ترك الخطبة الثانية في الحال قبل إقامة الصلاة، لأن من علم السنة لا يتركها إلا نسيانا غالبا.

ثانيا: ثبت عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: «دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها في شكواه التي قبض فيها فسارها بشيء فبكت، ثم دعاها فسارها بشيء فضحكت فسألناها عن ذلك، فقالت: سارني النبي صلى الله عليه وسلم أنه. يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكت ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت (٢)» رواه البخاري ومسلم وثبت عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " مرحبا بابنتي" ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها حديثا فبكت، فقلت لها: لم تبكين؟ ثم أسر إليها حديثا فضحكت، فقلت:


(١) صحيح البخاري الأذان (٦٣١)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٦٧٤)، سنن النسائي الأذان (٦٣٥)، سنن أبو داود الصلاة (٨٤٢)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٥٣).
(٢) صحيح البخاري المناقب (٣٧١٦)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٤٥٠)، سنن الترمذي المناقب (٣٨٧٢)، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (١٦٢١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٧٧).