للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أن إمام هذه الأمة في الصلاة وغيرها أيام نزول عيسى من هذه الأمة، وعلى ذلك لا تكون هناك منافاة بين نزوله وبين ختم النبوة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث لم يأت عيسى برسالة جديدة، ولله الحكم أولا وآخرآ يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ولا معقب لحكمه، وهو العزيز الحكيم.

فمن زعم أن عيسى عليه الصلاة والسلام صلب أو قتل فهو كافر لمخالفته لصريح القرآن ولما ثبت من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قال من المسلمين أن الله تعالى أمات عيسى عليه الصلاة والسلام موتا حقيقيا ثم رفعه إليه حينما كاد له اليهود وعزموا على صلبه وقتله فقد شذ عن جماعة المسلمين وضل عن سواء السبيل، لمخالفته ظواهر نصوص القرآن والسنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والذي حداهم إلى هذا فهمهم الخاطئ لقوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} (١) حيث فسر التوفي بالإماتة فخالف بذلك ما صح عن السلف من تفسيره بقبض الله إياه من الأرض ورفعه إليه حيا وتخليصه بذلك من الذين كفروا جمعا بين نصوص الكتاب والسنة الصحيحة على رفعه حيا وعلى نزوله آخر الزمان وإيمان أهل الكتاب جميعا وغيرهم به. وما روي عن ابن عباس من تفسير التوفي هنا بالإماتة فغير صحيح لانقطاع سنده إذ هو من رواية علي بن أبي طلحة عنه، وعلي لم يسمع منه ولم يره، وإنما روى عنه بواسطة، ولم يصح أيضا ما روي عن وهب بن منبه اليماني من تفسير التوفي بالإماتة لأنه من رواية ابن إسحاق عن يهم عن وهب، ففيه عنعنة ابن إسحاق وهو مدلس، وفيه مجهول، ثم هذا التفسير لا يزيد عن كونه احتمالا


(١) سورة آل عمران الآية ٥٥