للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجماعة، وهو أنه يكون عاصيا ضعيف الإيمان وعلى خطر عظيم من غضب الله وعقابه ولكنه ليس بكافر الكفر الأكبر الذي هو الردة عن الإسلام، ولا يخلد في النار أيضا خلود الكفار إذا مات على شيء منها بل يكون تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها ثم يخرجه من النار ولا يخلد فيها أبد الآباد إلا الكفار، ثم بعد مضى ما حكم الله عليه من العذاب يخرجه الله من النار إلى الجنة وهذا قول أهل الحق وهذا هو الذي تواترت به الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم خلافا للخوارج والمعتزلة والله يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (١)، فعلق سبحانه ما دون الشرك على مشيئته عز وجل.

أما من مات على الشرك الأكبر فإنه يخلد في النار والجنة عليه حرام، لقول الله سبحانه: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (٢)، وقال سبحانه: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} (٣)، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

أما العاصي إذا دخل النار فيبقى فيها إلى ما يشاء الله ولا يخلد خلود الكفار ولكن قد تطول مدته ويكون هذا خلودا خاصا مؤقتا ليس مثل خلود الكفار، كما قال سبحانه في آية الفرقان لما ذكر المشرك


(١) سورة النساء الآية ٤٨
(٢) سورة المائدة الآية ٧٢
(٣) سورة التوبة الآية ١٧