للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للملك لمه بقلب ابن آدم وللشيطان لمه فلمة الملك إيعاد بالخير والتصديق بالوعد ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالوعد) ثم قرأ (٢)» وهذا هو واعظ القلب في قلب المؤمن.

وأما وقوع الإلهام بغير واسطة لم يقم عليه دليل فلا يجزم بنفيه ولا إثباته إلا بدليل من سماع أهل الرياضيات الخطاب المسموع كخطاب الجن وقد يكون المخاطب مؤمنا وقد يكون شيطانا وهو على نوعين:

أحدهما: أن يخاطبه بحيث يسمعه بأذنه.

الثاني: أن يلقيه على قلبه عندما يلم به.

وعلى هذا فإن المخاطب لا يعلم هل خطابه في هذه الحال خطاب ملك أو خطاب شيطان يطلق ابن القيم على هذين الخطاب الرحماني والخطاب الشيطاني.

وعلى ذلك فلا يمكن التمييز بينهما إلا بعرضهما على الشرع فما وافقه علم أنه رحماني وما خالفه علم أنه شيطاني.

ومن سماع أرباب الرياضيات خطاب حالي ويكون من النفس فتوهمه أنه من خارجها وهذا كثيرا ما يعرض لكثير من السالكين فيظن أن الله قد خاطبه وسببه أن النفس حين صفائها وتخلصها من كدراتها حال الرياضة يقوى سلطان الروح والقلب على سلطان البدن والجسد وعندئذ يكون الخطاب للقلب والروح والسالك في حال غيبته وفنائه قد يتصور من يخاطبه وهو ليس كذلك.


(١) سنن الترمذي تفسير القرآن (٢٩٨٨).
(٢) سورة البقرة الآية ٢٦٨ (١) {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا}