للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما أن دخل القرن الثالث الهجري حتى نحى التصوف طريق التجمع حول بعض الأشخاص آخذا شكلا جديدا غير شكله المعتاد، بدعوى أن هؤلاء الأشخاص مكاشفون.

يقول السيد محمود أبو الغيض المنوفي الحسيني: (وهذه الطرق تنسب كل واحدة لولي من الأولياء رضي الله عنهم وقد يرثها حفيد وسيط لولي من أولئك الأولياء فيكرمه الله سبحانه وتعالى بكرامة آبائه وأجداده الصالحين فإن من سار على دربهم أكرمه الله مثل إكرامهم ومن فرط أو قصر أكرمه الله لأجلهم) (١).

وقول أبي الغيض: (أو قصر أكرمه الله لأجلهم) في كلامه نظر ظاهر لأن الله رهن الناس بأعمالهم كما قال سبحانه: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (٢) وقال: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (٣) وقال: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} (٤) وقال: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (٥) {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} (٦) {ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} (٧) فمن قصر استحق العقاب لا الإكرام ومن أحسن فله الثواب قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (٨) وأطلق على هذا التجمع حول هذا الشخص وما يدعيه من أوراد وأذكار اختص بها اسم طريقة وكانت أول الطرق نشأة.


(١) انظر الصوفية معتقدا ومسلكا ص (٤٣).
(٢) سورة البقرة الآية ٢٨٦
(٣) سورة المدثر الآية ٣٨
(٤) سورة مريم الآية ٩٥
(٥) سورة النجم الآية ٣٩
(٦) سورة النجم الآية ٤٠
(٧) سورة النجم الآية ٤١
(٨) سورة الرحمن الآية ٦٠