فما الحسرة على فراقهم وهم أحياء، فوق ما نالهم من فضل الله وفوق ما لقوا عنده من الرزق والمكانة).
ويقول سيد قطب في ظلاله على هذه الآية (١) وهؤلاء الذين يقتلون في سبيل الله فاعليتهم في نصرة الحق الذي قتلوا من أجله، فاعليتهم مؤثرة، والفكرة التي من أجلها قتلوا ترتوي بدمائهم وتمتد وتأثر الباقين وراءهم باستشهادهم يقوى ويمتد، فهم ما يزالون عنصرا فعالا دافعا مؤثرا في تكييف الحياة وتوجيهها.
وهذه هي صفة الحياة الأولى فهم أحياء أولا بهذا الاعتبار الواقعي في دنيا الناس، ثم هم أحياء عند ربهم باعتبار آخر لا ندري عن كنهه، وحسبنا إخبار الله تعالى به (أحياء ولكن لا تشعرون) لأن كنه هذه الحياة فوق إدراكنا البشرى القاصر المحدود لكنهم أحياء، ومن ثم لا يغسلون كما يغسل الموتى، ويكفنون في ثيابهم التي استشهدوا فيها فالغسل تطهير للجسد الميت وهم أطهار بما فيهم من حياة، وثيابهم في الأرض ثيابهم في القبر لأنهم بعد أحياء.