للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

راو فثبتوه في حال، وضعفوه في أخرى فالواجب أن لا يؤخذ حكم ذاك الراوي إجمالا إلا في حديث لم يتبين من أي الضربين هو، فأما إذا تبين فالواجب معاملته بحسب حاله (١) وعلى ذلك فإن من يريد الحكم على الحديث بالتضعيف أو التحسين أو التصحيح لا بد له من جمع ما قيل في الراوي من جرح وتعديل، ثم الموازنة بين الأقوال، والنظر إلى قرائن الترجيح بينها، فإن كان الرواي ممن يوصف بأنه مختلف فيه فإن حديثه يعد من الحسن بالشروط المتقدمة، وإلا فيعطي الحكم الذي ترجح لديه.

ومما يجدر ذكره هنا أنه لا يعد من التوثيق للراوي وصفه بكثرة العبادة من صلاة وصيام وغيره، وكذلك في عدله في ولاية المظالم، أو زهده وتخشنه في العيش، واشتهاره بالصلاح والورع كما ذهب إليه بعض العلماء (٢) لأن توثيق الراوي يشمل عدالته، وصدقه، وضبطه وحفظه لما يروي، فذكره بالصلاح والعبادة ونحو ذلك يثبت الأمر الأول، ولا يثبت الثاني، فإن الضبط يعرف بأمور أخرى، بل قد يكون الراوي مبتدعا، أو سيئ الرأي في بعض أمور الدين، لكن يقبل حديثه إذا كان ضابطا لما يروي، غير متهم بكذب، فقد كان ابن خزيمة رحمه الله إذا حدث عن شيخه عباد بن يعقوب الكوفي يقول: حدثنا الثقة في روايته المتهم في رأيه.


(١) التنكيل (٢/ ٣٥).
(٢) انظر تحقيق سنن الترمذي للشيخ أحمد شاكر (٢/ ٣٨٩).