العام والتلبيس على ضعاف التفكير وحجب الحقيقة عن الظهور، فقد وصف بهذه الصفة ابن تيمية وهو مصلح القرن السادس هـ - ١٢ م - وهو يبعد كثيرا عن عهد حركة الإصلاح في القرن الثاني عشر، ووصف بها كل مصلح يقوم بعملية التطهير ودفع الزيف عن الإسلام لمجرد التنفير منه واعتباره صاحب نظريات متطرفة تناهض الإسلام.
١ - تفاعل النفوس مع دعوة الشيخ في البلاد السعودية.
٢ - تأثر بعض البلدان بها خارج الجزيرة.
أما تفاعل النفوس مع دعوة الشيخ فالحديث عنه طويل مديد وقصارى ما يمكن أن يقال عن ذلك: أن ما كان بالأمس خيالا لا يصدق به، أصبح بعد نجاح حركة الإصلاح وفي أخريات أيام المصلح وفي عهد الحكام المتعاقدين من آل سعود وعلى يد خلفاء المصلح أصبح حقيقة واقعة فلم يكن أحد يحلم أن تعود للإسلام جدته، وتزاح عنه الأضاليل ويطهر من البدع، ثم تقام الشعائر الإسلامية في طول البلاد التي شملتها حركة الإصلاح كما كانت في عهد رسول الله - عليه السلام - وعهد خلفائه الراشدين، ومن تلك البلاد مكة المكرمة التي يحج إلى بيت الله فيها كل عام مئات الألوف من المسلمين من أقاصي الدنيا، والمدينة التي تضم قبر النبي محمد - صلى الله عليه وسلم. - وما ذاك إلا أثر من آثار تفاعل النفوس مع دعوة الشيخ وهضم التعليمات الإسلامية التي قام بنشرها بعد دروسها وإهمال الكثير منها، وما كان يجول في تفكير أحد أن هذه الحركة سوف تتأثر بها الأوساط الإسلامية خارج الجزيرة فتقوم في مصر والهند وإندونيسيا وغيرها من أقاصي البلاد تقوم جمعيات إسلامية تدعو إلى دعوة الشيخ باسم العقيدة السلفية نسبة إلى السلف في صدر الإسلام ومن تبعهم على نهجهم - يقول المؤرخ الأمريكي لوثروب صاحب كتاب حاضر العالم الإسلامي (قد استطاع الوهابيون أن يبذروا بذورا تلاها الاختصار الشديد للثورة الوهابية في كل فج إسلامي حتى بلغت دعوتهم الدينية أقصى المعمور).
وهكذا استمر التفاعل مع دعوة الشيخ حتى غدت المبدأ الثابت الذي لا يتزعزع بعد أن كانت منبوذة مقهورة يعتبرها دعاة الرجعية آراء متطرفة، وأصبحت العقيدة الراسخة التي لا تنفك عن القلوب، وأخذت الأيدي تعمل لنشرها والجهود تتضافر على إذاعتها عن طريق وسائل الإعلام، وتغذية الأطفال بها منذ نعومة أظفارهم في شكل مقررات تدرس في المدارس ويحتضنها الشباب كدين، وليتحصن بها من أعاصير الباطل ومن المبادئ الهدامة الخطرة.