أبواب من وجه آخر عن سفيان - كذلك. قوله (نبيط أهل الشام) في رواية سفيان (أنباط من أنباط الشام)، وهم قوم من العرب دخلوا في العجم والروم، واختلطت أنسابهم، وفسدت ألسنتهم، وكان الذين اختلطوا بالعجم منهم ينزلون البطائح بين العراقين، والذين اختلطوا بالروم ينزلون في بوادي الشام، ويقال لهم النبط بفتحتين، والنبيط بفتح أوله وكسر ثانيه وزيادة تحتانية، والأنباط قيل سموا بذلك لمعرفتهم بإنباط الماء؛ أي استخراجه لكثرة معالجتهم الفلاحة.
قوله (قلت إلى من كان أصله عنده) أي المسلم فيه، وسيأتي من طريق سفيان بلفظ (قلت أكان لهم زرع أو لم يكن لهم) قوله (ما كنا نسألهم عن ذلك) كأنه استفاد الحكم من عدم الاستفصال، وتقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك. قوله (وقال عبد الله بن الوليد) وهو العدني. وسفيان هو الثوري. وطريقه موصولة في (جامع سفيان) من طريق علي بن الحسن الهلالي عن عبد الله بن الوليد المذكور.
واستدل بهذا الحديث على صحة المسلم إذا لم يذكر مكان القبض، وهو قول أحمد وإسحاق وأبي ثور وبه قال مالك وزاد: ويقبضه في مكان السلم، فإن اختلفا فالقول قول البائع. وقال الثوري وأبو حنيفة والشافعي: لا يجوز السلم فيما له حمل ومؤنة، إلا أن يشترط في تسليمه مكانا معلوما. واستدل به على جواز السلم فيما ليس موجودا في وقت السلم إذا أمكن وجوده في وقت حلول السلم، وهو قول الجمهور، ولا يضر انقطاعه قبل المحل وبعده عندهم. وقال أبو حنيفة: لا يصح فيما ينقطع قبله، ولو أسلم فيما يعم فانقطع في محله، لم ينفسخ البيع عند الجمهور. وفي وجه الشافعية ينفسخ، واستدل به على جواز التفرق في السلم قبل القبض لكونه لم يذكر في الحديث، وهو قول مالك إن كان بغير شرط، وقال الشافعي