للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يمكن امرأة من الفاحشة، ولذلك غضب سبحانه على الذين رموا عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفاحشة، وأنكر عليهم ذلك، وبرأها مما قالوا فيها، وأنزل في ذلك قرآنا يتلى يوم القيامة.

ثالثا: قال الله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا} (١) الآيتين من سورة التحريم.

بعد أن عاتب الله تعالى أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخاصة عائشة وحفصة - رضي الله عنهن جميعا - على ما بدر منهن مما لا يليق بحسن معاشرة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى حلف أن يعتزلهن شهرا، وأنكر تعالى عليهن بعض ما وقع منهن من أخطاء في حقه - عليه الصلاة والسلام - وأنذرهن بالطلاق، وأن يبدله أزواجا خيرا منهن - ختم سورة التحريم بمثلين مثل ضربه للذين كفروا بامرأتين كافرتين: امرأة نوح وامرأة لوط، ومثل ضربه للذين آمنوا بامرأتين صالحتين: بآسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران إيذانا بأن الله حكم عدل لا محاباة عنده، بل كل نفس عنده بما كسبت رهينة، حث العباد على التقوى، وأن يخشوا يوما يرجعون فيه إلى الله، يوما لا يجزي فيه والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا، يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، يوم لا تزر فيه وازرة وزر أخرى، وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء، ولو كان ذا قربى، يوم لا تنفع فيه الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا.

فبين سبحانه أن امرأة نوح وامرأة لوط كانتا كافرتين، وكانتا تحت رسولين كريمين من رسل الله، وكانت امرأة نوح تخونه بدلالة الكفار على من آمن بزوجها، وكانت امرأة لوط تدل الكفار على ضيوفه؛ إيذاء وخيانة لهما وصدا للناس عن اتباعهما، فلم ينفعهما صلاح زوجيهما نوح ولوط، ولم يدفعا عنهما من بأس الله شيئا، وقيل لهاتين المرأتين: ادخلا النار مع الداخلين


(١) سورة التحريم الآية ١٠