نفوس الحاضرين، ويستولي على مشاعرهم، ولو أدى ذلك إلى لي في كلام من يمثله، أو تحريف له، أو زيادة فيه، وهذا مما لا يليق في نفسه فضلا عن أنه يقع تمثيلا من شخص أو جماعة للأنبياء وصحابتهم وأتباعهم، فيما يصدر عنهم من أقوال في الدعوة والبلاغ، وما يقومون به من عبادة وجهاد؛ أداء للواجب ونصرة للإسلام.
ثانيا: إن الذين يشتغلون بالتمثيل يغلب عليهم عدم تحري الصدق، وعدم التحلي بالأخلاق الإسلامية الفاضلة، وفيهم جرأة على المجازفة، وعدم مبالاة بالانزلاق إلى ما لا يليق ما دام في ذلك تحقيق لغرضه، من استهواء الناس، وكسب للمادة، ومظهر نجاح في نظر السواد الأعظم من المتفرجين، فإذا قاموا بتمثيل الصحابة ونحوهم أفضى ذلك إلى السخرية والاستهزاء بهم، والنيل من كرامتهم، والحط من قدرهم، وقضى على ما لهم من هيبة ووقار في نفوس المسلمين.
ثالثا: إذا قدر أن التمثيلية لجانبين، جانب الكافرين كفرعون وأبي جهل ومن على شاكلتهما، وجانب المؤمنين كموسى ومحمد - عليهما الصلاة والسلام - وأتباعهم فإن من يمثل الكافرين سيقوم مقامهم، ويتكلم بألسنتهم، فينطق بكلمات الكفر ويوجه السباب والشتائم للأنبياء، ويرميهم بالكذب، والسحر والجنون. . . إلخ، ويسفه أحلام الأنبياء وأتباعهم ويبهتهم بكل ما تسوله له نفسه من الشر والبهتان مما جرى من فرعون وأبي جهل وأضرابهما مع الأنبياء وأتباعهم لا على وجه الحكاية عنهم، بل على وجه النطق بما نطقوا به من الكفر والضلال، هذا إذا لم يزيدوا من عند أنفسهم ما يكسب الموقف بشاعة، ويزيده نكرا وبهتانا، وإلا كانت جريمة التمثيل أشد وبلاؤها أعظم، وذلك مما يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه من الكفر وفساد المجتمع، ونقيصة الأنبياء والصالحين.