للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبحانه وتعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} (١) أنه سبحانه سيرها برعايته سبحانه حتى استوت على الجودي، وهكذا قوله سبحانه في قصة موسى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} (٢) أي على رعايته سبحانه وتوفيقه للقائمين على تربيته عليه الصلاة والسلام، وهكذا قوله سبحانه للنبي - صلى الله عليه وسلم: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} (٣) أي أنك تحت كلاءتنا وعنايتنا وحفظنا، وليس هذا كله من التأويل، بل ذلك من التفسير المعروف في لغة العرب وأساليبها. ومن ذلك الحديث القدسي وهو قول الله سبحانه: «من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة (٤)» يمر كما جاء عن الله - سبحانه وتعالى - من غير تكييف ولا تحريف ولا تمثيل؛ بل على الوجه الذي أراده الله - سبحانه وتعالى.

وهكذا نزوله سبحانه في آخر الليل، وهكذا السمع والبصر والغضب والرضا والضحك والفرح وغير ذلك من الصفات الثابتة، كلها تمر كما جاءت على الوجه الذي يليق بالله من غير تكييف ولا تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل، عملا بقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (٥) وما جاء في معناها من الآيات. أما التأويل للصفات، وصرفها عن ظاهرها، فهو مذهب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة، ومن سار في ركابهم، وهو مذهب باطل، أنكره أهل السنة، وتبرءوا منه، وحذروا من أهله. والله ولي التوفيق.


(١) سورة القمر الآية ١٤
(٢) سورة طه الآية ٣٩
(٣) سورة الطور الآية ٤٨
(٤) صحيح البخاري التوحيد (٧٤٠٥)، صحيح مسلم التوبة (٢٦٧٥)، سنن الترمذي الدعوات (٣٦٠٣)، سنن ابن ماجه الأدب (٣٨٢٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٥٣٥).
(٥) سورة الشورى الآية ١١