للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن الرجعة لا تجب في هذه الصورة، وليس هذا الإجماع ثابتا وإن كان قد حكاه صاحب المغني أيضا، فإن أحد الوجهين في مذهب أحمد وجوب الرجعة فيه كما تجب في زمن الحيض (١) الجواب الثاني

لو سلمنا جدلا بدعوى الإجماع فإن قياس الرجعة من الطلاق في الحيض على الرجعة من الطلاق في الطهر المجامع فيه قياس مع الفارق لعدة وجوه:

الوجه الأول: أن الأمر بالارتجاع من الطلاق في الحيض جاء من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يأت من الطلاق في الطهر المجامع فيه، نعم قد جاء النهي عن إيقاع الطلاق في كل منهما، وكل منهما مخالف للسنة، وطلاق بدعة باتفاق العلماء كما تقدم، لكن الأمر بالمراجعة لم يأت إلا من الطلاق في الحيض.

الوجه الثاني: أن كثيرا من العلماء - رحمهم الله - قد فرقوا بينهما في الحكم، فقد جاء في المدونة الكبرى لمالك ما نصه: (قلت أرأيت إن طلقها في طهر جامعها فيه هل يأمره مالك بمراجعتها كما يأمره بمراجعتها في الحيض (قال) لا يؤمر بمراجعتها وهو قرء واحد وإنما الصواب أن يطلق في طهر لم يجامع فيه (٢).

وقال ابن حجر في فتح الباري بعد ذكره بالمراجعة من الطلاق في الحيض ما نصه: واتفقوا على أنها إذا انقضت عدتها أن لا رجعة وأنه لو طلق في طهر مسها فيه لا يؤمر بمراجعتها، كذا نقله ابن بطال وغيره لكن الخلاف فيه ثابت قد حكاه الحناطي من الشافعية وجها (٣).


(١) شرح سنن أبي داود لابن القيم المطبوع مع عون المعبود ٦/ ٢٤٨.
(٢) المدونة الكبرى لمالك ٢/ ٧٠.
(٣) فتح الباري شرح صحيح البخاري ٩/ ٣٤٩.