للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيقنت مع تلك الحماسة والاهتمام أن ذلك سيحدث له أثر، وأن سيرة هذا الرجل الذاتية وأعماله، لا بد من حفظها - إن شاء الله - وإن طال الزمن؛ لأنه لا يضيع حق وراءه مطالب، ومكانة الشيخ حق على تلاميذه، وعارفي فضله، وطلبة العلم بعدهم، يطالب بهذا؛ لأنه ترك أثرا لا ينسى في منطقة لا يربطه بأهلها سبب أو نسب، اللهم إلا وشيجة هي أقوى من النسب والمصالح المختلفة: تلك هي رابطة العقيدة، وأمانة تبليغ العلم الذي أمر الله بتبليغه قال تعالى: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (١).

فمسئولية هذا الدين عظيمة، ورسالته ثقيلة، يجب الاهتمام بها وتأديتها على الوجه الذي أمر الله به، ألم يقل سبحانه: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} (٢).

وبتوفيق من الله، فقد ظهرت بعد تلك الفترة جهود ومساهمات في إبراز مكانة هذا الشيخ، تجلى بعضها ولا زال في الأفق أمور نرجو تحققها، ما دام بعض تلاميذه وخواصهم على قيد الحياة، وبما يقدم مدعوما بالوقائع والوثائق يكتمل العقد، ويوفي الشيخ ما يستحقه من الدراسة والتحليل لكل جانب من أعماله، حيث يحتاج إلى وقفات ودراسات.

ويبقى للأول فضل السبق برصده واهتمامه، وللاحق فضل الإجادة والإضافة. . كما قال الجاحظ؛ إذ كل تأليف لا بد له من تكميل، ولكل من الذين كتبوا حتى الآن عن الشيخ القرعاوي، جوانب يتميز بها من حيث الإضافة أو الاطلاع والمعاصرة، على ما لم يتح لغيره.


(١) سورة الأنفال الآية ٦٣
(٢) سورة الزخرف الآية ٤٤