للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيره، وليس من الضروري أن يكون العالم متبحرا في معارفه، إذا تقوى الله - جل وعلا - ومراقبته في السر والعلن هي خير زاد يدفع العالم للعمل، ويجعل لعلمه ثمرة، وقبولا في قلوب الناس، بحيث تبرز النتائج فيمن حوله، ألم يقل سبحانه: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (١).

وللعلم ثمرة هي العمل والقدوة الحسنة، وله صدقة يجب أن تؤدى، وذلك ببذره في الناس، ونفع الآخرين به، ولذلك وسيلة يؤدى بها، وهي مطية الإخلاص والصبر، والتحمل في سبيله، ونتيجة مرتقبة هي: الأجر من الله - جل وعلا، وظهور الآثار فيمن قدم لها هذا العلم.

وعلمنا الذي نترجم لحياته في هذه العجالة، ونستلهم التعريف به من النبذ التي كتبت عنه، مع قلة علمه كما يقول محمد بن عثمان القاضي في كتابه روضة الناظرين: والقرعاوي وإن لم تكن معلوماته واسعة، فقد خطا خطوات لا يبلغها فحول العلماء ممن نفعهم قاصر (٢)، فقد نفع الله به، وبقي أثره بارزا، وذكره متجددا. . وسوف نقف عند مقولة القاضيهذه في مكان آخر.

وما ذلك إلا أن الدارس لحياة كثير من العلماء المؤثرين في تاريخ الإسلام، يراهم مع قلتهم بالنسبة لاتساع رقعة الإسلام، وامتداد العصر الزمني، أفذاذا في أعمالهم، محتسبين لله في جهودهم، مؤثرين في بيئاتهم، متواضعين في عطائهم وتعاملهم.

وتاريخ بلادنا - بحمد الله - منذ بدأت اليقظة الإسلامية التصحيحية للعقيدة، قد رسم منهج الدعوة فيها على درب سلف الأمة، منذ تصافحت


(١) سورة البقرة الآية ٢٨٢
(٢) روضة الناظرين (٢: ٤٣).