تقدم من النهي عن بيع الصبرة من التمر بالكيل المسمى من التمر. وكذلك نهيه عن بيع التمر بالرطب خرصا لعدم التمكن من معرفة التساوي على التحقيق، وكذلك في مثل مسألة القلادة يتعذر الوقوف على التساوي من دون فصل، ولا يكفي مجرد الفصل، بل لا بد من معرفة مقدار المفصول والمقابل له من جنسه، وإلى العمل بظاهر الحديث ذهب عمر بن الخطاب وجماعة من السلف والشافعي، وأحمد، وإسحاق، ومحمد بن الحكم المالكي. وقالت الحنفية، والثوري، والحسن بن صالح، والعترة:(إنه يجوز إذا كان الذهب المنفرد أكثر من الذي في القلادة ونحوها لا مثله ولا دونه). وقال مالك:(يجوز إذا كان الذهب تابعا لغيره بأن يكون الثلث فما دون). وقال حماد بن أبي سليمان:(إنه يجوز بيع الذهب مع غيره بالذهب مطلقا، سواء كان المنفصل مثل المتصل أو أقل أو أكثر) واعتذرت الحنفية، ومن قال بقولهم عن الحديث بأن الذهب كان أكثر من المنفصل واستدلوا بقوله:(ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا)، والثمن إما سبعة أو تسعة، وأكثر ما روي أنه اثنا عشر. وأجيب عن ذلك. بما تقدم عن البيهقي من أن القصة التي شهدها فضالة كانت متعددة فلا يصح التمسك بما وقع في بعضها وإهدار البعض الآخر. وأجيب أيضا بشأن العلة هي عدم الفصل وظاهر ذلك عدم الفرق بين المساوي والأقل والأكثر والغنيمة وغيرها. وبهذا يجاب عن الخطابي حيث قال:(إن سبب النهي كون تلك القلادة كانت من الغنائم مخافة أن يقع المسلمون في بيعها). وقد أجاب الطحاوي عن الحديث بأنه مضطرب. قال السبكي:(وليس ذلك باضطراب قادح، ولا ترد الأحاديث الصحيحة بمثل ذلك). انتهى. وقد عرفت مما تقدم أنه لا اضطراب في محل الحجة، والاضطراب في غيره لا يقدح فيه. وبهذا يجاب أيضا على ما قاله مالك. وأما ما ذهب إليه حماد بن أبي سليمان فمردود بالحديث على جميع التقادير. ولعله يعتذر عنه بمثل ما قال الخطابي أو لم