جاز مؤجلا مع الغرر فجوازه حالا أولى، وليس ذكر الأجل في الحديث؛ لأجل الاشتراط، بل معناه إن كان لأجل فليكن معلوما). وتعقب بالكتاب فإن التأجيل شرط فيها. وأجيب بالفرق؛ لأن الأجل في الكتابة شرع لعدم قدرة العبد غالبا. واستدل الجمهور على اعتبار التأجيل بما أخرجه الشافعي، والحاكم وصححه، عن ابن عباس أنه قال:(أشهد أن السلف المضمون إلى أجل قد أحله الله في كتابه وأذن فيه)، ثم قرأ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}(١) ويجاب بأن هذا يدل على جواز السلم إلى أجل، ولا يدل على أنه لا يجوز إلا مؤجلا. وبما أخرجه ابن أبي شيبة في ابن عباس أنه قال:(لا تسلف إلى العطاء ولا إلى الحصاد واضرب أجلا) ويجاب بأن هذا ليس بحجة؛ لأنه موقوف عليه. وكذلك يجاب عن قول أبي سعيد الذي علقه البخاري، ووصله عبد الرزاق بلفظ:(السلم بما يقوم به السعر ربا، ولكن السلف في كيل معلوم إلى أجل) وقد اختلف الجمهور في مقدار الأجل. فقال أبو حنيفة:(لا فرق بين الأجل القريب والبعيد). وقال أصحاب مالك:(لا بد من أجل تتغير فيه الأسواق) وأقله عندهم ثلاثة أيام، وكذا عند الهادوية، وعند ابن القاسم خمسة عشر يوما، وأجاز مالك السلم إلى العطاء، والحصاد، ومقدم الحاج، ووافقه أبو ثور، واختار ابن خزيمة تأقيته إلى الميسرة. واحتج بحديث عائشة «أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى يهودي: "ابعث إلي ثوبين إلى الميسرة» وأخرجه النسائي، وطعن ابن المنذر في صحته، وليس في ذلك دليل على المطلوب، لأن التنصيص على نوع من أنواع الأجل لا ينفي غيره، وقال المنصور بالله:(أقله أربعون يوما). وقال الناصر:(أقله ساعة). والحق ما ذهبت إليه الشافعية من عدم اعتبار الأجل؛ لعدم ورود دليل يدل عليه فلا يلزم التعبد بحكم بدون دليل، وأما ما يقال من أنه يلزم