وأبو حنيفة يعتبر الاسم وكذلك الشافعي، وإن كان الشافعي ليس الصنف عنده مؤثرا إلا في الربويات فقط- أعني: أنه يمنع التفاضل فيه- وليس هو عنده علة للنساء أصلا، فهذا هو تحصيل مذاهب هؤلاء الفقهاء الثلاثة في هذه الفصول الثلاث. فأما الأشياء التي لا تجوز فيها النسيئة فإنها قسمان: منها ما لا يجوز فيها التفاضل وقد تقدم ذكرها، ومنها ما يجوز فيها التفاضل. فأما الأشياء التي لا يجوز فيها التفاضل فعلة امتناع النسيئة فيها هو الطعم عند مالك، وعند الشافعي الطعم فقط، وعند أبي حنيفة مطعومات الكيل والوزن، فإذا اقترن بالطعم اتفاق الصنف حرم التفاضل عند الشافعي، وإذا اقترن وصف ثالث وهو الادخار حرم التفاضل عند مالك، وإذا اختلف الصنف جاز التفاضل وحرمت النسيئة. وأما الأشياء التي ليس يحرم التفاضل فيها عند مالك فإنها صنفان: إما مطعومة، وإما غير مطعومة، فأما المطعومة فالنساء عنده لا يجوز فيها، وعلة المنع الطعم، وأما غير المطعومة فإنه لا يجوز فيها النساء عنده فيما اتفقت منافعه مع التفاضل، فلا يجوز عنده شاة واحدة بشاتين إلى أجل إلا أن تكون إحداهما حلوبة والأخرى أكولة، هذا هو المشهور عنه، وقد قيل: إنه يعتبر اتفاق المنافع دون التفاضل. فعلى هذا لا يجوز عنده شاة حلوبة بشاة حلوبة إلى أجل. فأما إذا اختلفت المنافع فالتفاضل والنسيئة عنده جائزان وإن كان الصنف واحدا، وقيل يعتبر اتفاق الأسماء مع اتفاق المنافع، والأشهر أن لا يعتبر، وقد قيل يعتبر. وأما أبو حنيفة فالمعتبر عنده في منع النساء ماعدا التي لا يجوز عنده فيها التفاضل هو اتفاق الصنف، اتفقت المنافع أو اختلفت، فلا يجوز عنده شاة بشاة ولا بشاتين نسيئة وإن اختلفت منافعها. وأما الشافعي فكل ما لا يجوز التفاضل عنده في الصنف الواحد يجوز فيه النساء فيجيز شاة بشاتين نسيئة ونقدا، وكذلك شاة بشاة، ودليل الشافعي حديث عمرو ابن العاص: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يأخذ في قلائص