للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جيشا فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ على قلاص الصدقة، فأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة، (١)» ولحديث أبي رافع أيضا «أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بكرا (٢)» قالوا: وهذا كله يدل على ثبوته في الذمة.

فسبب اختلافهم شيئان: أحدهما: تعارض الآثار في هذا المعنى، والثاني: تردد الحيوان بين أن يضبط بالصفة أو لا يضبط، فمن نظر إلى تباين الحيوان في الخلق والصفات وبخاصة صفات النفس، قال: لا تنضبط، ومن نظر إلى تشابهها قال: تنضبط، ومنها اختلافهم في البيض والدر وغير ذلك. فلم يجز أبو حنيفة السلم في البيض، وأجازه مالك بالعدد وكذلك في اللحم أجازه مالك والشافعي، ومنعه أبو حنيفة، وكذلك السلم في الرؤوس والأكارع أجازه مالك، ومنعه أبو حنيفة، واختلف في ذلك قول أبي حنيفة والشافعي، وكذلك السلم في الدر والفصوص، أجازه مالك، ومنعه الشافعي، وقصدنا من هذه المسائل إنما هو الأصول الضابطة للشريعة لا إحصاء الفروع؛ لأن ذلك غير منحصر.

وأما شروطه: فمنها مجمع عليها ومنها مختلف فيها. فأما المجمع عليها فهي ستة: منها أن يكون الثمن والمثمون مما يجوز فيه النساء وامتناعه فيما لا يجوز فيه النساء، وذلك إما اتفاق المنافع على ما يراه مالك رحمه الله، وإما اتفاق الجنس على ما يراه أبو حنيفة، وإما اعتبار الطعم مع الجنس على ما يراه الشافعي في علة النساء. ومنها أن يكون مقدرا: إما بالكيل أو بالوزن أو بالعدد إن كان مما شأنه أن يلحقه التقدير، أو منضبطا بالصفة إن كان المقصود منه الصفة، ومنها أن يكون موجودا عند حلول الأجل. ومنها أن يكون الثمن غير مؤجل أجلا بعيدا، لئلا يكون من باب الكالئ بالكالئ، هذا في الجملة.

واختلفوا في اشتراط اليومين والثلاثة في تأخير نقد الثمن بعد اتفاقهم على أنه لا يجوز في المدة الكثيرة ولا مطلقا، فأجاز مالك اشتراط تأخير


(١) سنن أبو داود البيوع (٣٣٥٧)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٧١).
(٢) صحيح مسلم المساقاة (١٦٠٠)، سنن الترمذي البيوع (١٣١٨)، سنن النسائي البيوع (٤٦١٧)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٤٦)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٨٥)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٩٠)، موطأ مالك البيوع (١٣٨٤)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٦٥).