للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى العام القابل) وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وابن القاسم، وحجتهم أن العقد وقع على موصوف في الذمة فهو باق على أصله، وليس من شرط جوازه أن يكون من ثمار هذه السنة، وإنما هو شيء شرطه المسلم فهو في ذلك بالخيار. وقال أشهب من أصحاب مالك: (ينفسخ السلم ضرورة ولا يجوز التأخير)، وكأنه رآه من باب الكالئ بالكالئ. وقال سحنون: (ليس له أخذ الثمن وإنما له أن يصبر إلى القابل). واضطرب قول مالك في هذا، والمعتمد عليه في هذه المسألة ما رآه أبو حنيفة والشافعي وابن القاسم، وهو الذي اختاره أبو بكر الطرطوشي، والكالئ بالكالئ المنهي عنه إنما هو المقصود، لا الذي يدخل اضطرارا.

مسألة: اختلف العلماء في بيع المسلم فيه إذا حان الأجل من المسلم إليه قبل قبضه، فمن العلماء من لم يجز ذلك أصلا، وهم القائلون: بأن كل شيء لا يجوز بيعه قبل قبضه، وبه قال أبو حنيفة وأحمد وإسحاق. وتمسك أحمد وإسحاق في منع هذا بحديث عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أسلم في شيء فلا يصرفه في غيره».

وأما مالك فإنه منع شراء المسلم فيه قبل قبضه في موضعين: أحدهما: إذا كان المسلم فيه طعاما، وذلك بناء على مذهبه في أن الذي يشترط في بيعه القبض هو الطعام على ما جاء عليه النص في الحديث. والثاني: إذا لم يكن المسلم فيه طعاما فأخذ عوضه المسلم ما لا يجوز أن يسلم فيه رأس ماله مثل أن يكون المسلم فيه عرضا، والثمن عرضا مخالفا له، فيأخذ المسلم من المسلم إليه إذا حان الأجل شيئا من جنس ذلك العرض الذي هو الثمن، وذلك أن هذا يدخله؛ إما سلف وزيادة إن كان العرض المأخوذ أكثر من رأس مال المسلم، وإما ضمان وسلف إن كان