جائز عند الشافعي وأبي حنيفة؛ لأنهما لا يقولان بتحريم بيوع الذرائع.
مسألة: اختلف العلماء في الشراء برأس مال السلم من المسلم إليه شيئا بعد الإقالة بما لا يجوز الإقالة، فمن العلماء من لم يجزه أصلا، ورأى أن الإقالة ذريعة إلى أن يجوز من ذلك ما لا يجوز، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، ومالك وأصحابه، إلا أن عند أبي حنيفة لا يجوز على الإطلاق، إذ كان لا يجوز عنده بيع المسلم فيه قبل القبض على الإطلاق، ومالك يمنع ذلك في المواضع التي يمنع بيع المسلم فيه قبل القبض على ما فصلناه قبل هذا من مذهبه، ومن العلماء من أجازه، وبه قال الشافعي والثوري. وحجتهم أن بالإقالة قد ملك رأس ماله، فإذا ملكه جاز له أن يشتري به ما أحب، والظن الرديء بالمسلمين غير جائز. قال:(وأما حديث أبي سعيد فإنه إنما وقع النهي فيه قبل الإقالة).
مسألة: اختلفوا إذا ندم المبتاع في السلم فقال للبائع: أقلني وأنظرك بالثمن الذي دفعت إليك. فقال مالك وطائفة: ذلك لا يجوز، وقال قوم: يجوز، واعتل مالك في ذلك مخافة أن يكون المشتري لما حل له الطعام على البائع أخره عنه على أن يقيله، فكان ذلك من باب بيع الطعام إلى أجل قبل أن يستوفي، وقوم اعتلوا لمنع ذلك بأنه من باب فسخ الدين بالدين، والذين رأوه جائزا رأوا أنه من باب المعروف والإحسان الذي أمر الله تعالى به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أقال مسلما صفقته أقال الله عثرته يوم الأمة، ومن أنظر معسرا أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (١)».
(١) سنن أبو داود البيوع (٣٤٦٠)، سنن ابن ماجه التجارات (٢١٩٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٥٢).