للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمكيل، والموزون بالموزون، والمطعوم بالمطعوم، عند من يعلل به، فإنه يحرم بيع أحدهما بالآخر نساء، بغير خلاف نعلمه؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدا بيد (١)». وفي لفظ: «لا بأس ببيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يدا بيد وأما نسيئة فلا، ولا بأس ببيع البر بالشعير، والشعير أكثرهما، يدا بيد، وأما النسيئة فلا (٢)». رواه أبو داود. إلا أن يكون أحد العوضين ثمنا، والآخر مثمنا، فإنه يجوز النساء بينهما بغير خلاف، لأن الشرع أرخص في السلم، والأصل في رأس المال الدراهم والدنانير، فلو حرم النساء ههنا لانسد باب السلم في الموزونات في الغالب.

فأما إن اختلفت علتهما كالمكيل بالموزون، مثل بيع اللحم بالبر، ففيهما روايتان:

إحداهما: يحرم النساء فيهما، وهو الذي ذكره الخرقي ههنا؛ لأنهما مالان من أموال الربا فحرم النساء فيهما، كالمكيل بالمكيل.

والثانية: يجوز النساء فيهما، وهو قول النخعي؛ لأنهما لم يجتمعا في أحد وصفى علة ربا الفضل، فجاز النساء فيهما، كالثياب بالحيوان.

(فصل) وإذا باع شيئا من مال الربا بغير جنسه، وعلة ربا الفضل فيهما واحدة، لم يجز التفرق قبل القبض، فإن فعلا بطل العقد، وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: (لا يشترط التقابض فيهما كغير أموال الربا، وكبيع ذلك بأحد النقدين).

ولنا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد (٣)» رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: «فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدا بيد (٤)». وروى مالك بن أوس بن الحدثان، أنه التمس صرفا بمائة دينار. قال: فدعاني طلحة بن عبيد الله


(١) صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٧)، سنن الترمذي البيوع (١٢٤٠)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٤).
(٢) صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٧)، سنن الترمذي البيوع (١٢٤٠)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٤٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٤).
(٣) صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٧)، سنن الترمذي البيوع (١٢٤٠)، سنن النسائي البيوع (٤٥٦١)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٤٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٤)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣١٤)، سنن الدارمي كتاب البيوع (٢٥٧٩).
(٤) صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٧)، سنن الترمذي البيوع (١٢٤٠)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٤).