قبلها. وهو مذهب مالك والشافعي؛ لأن العقد يقتضي انقسام الثمن على عوضه على حسب اختلافه في قيمته كما ذكرنا، وروي عن أحمد منع ذلك في النقد، وتجويزه في الثمن، نقله أحمد بن القاسم؛ لأن الأنواع في غير الأثمان، يكثر اختلاطها، ويشق تمييزها، فعفي عنها بخلاف الأثمان.
ولنا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب مثلا بمثل والفضة بالفضة مثلا بمثل (١)». الحديث، وهذا يدل على إباحة البيع، عند وجود المماثلة المراعاة، وهي المماثلة في الموزون وزنا، وفي المكيل كيلا، ولأن الجودة ساقطة في باب الربويات، فيما قوبل بجنسه، فيما لو اتحد النوع في كل واحد من الطرفين، فكذلك إذا اختلفا، واختلاف القيمة ينبني على الجودة والرداءة، لأنه باع ذهبا بذهب متساويا في الوزن فصح، كما لو اتفق النوع، وإنما يقسم العوض على المعوض فيما يشتمل على جنسين، أو في غير الربويات، بدليل ما لو باع نوعا بنوع يشتمل على جيد ورديء.
(فصل) وإن باع ما فيه الربا بغير جنسه، ومعه من جنس ما بيع به، إلا أنه غير مقصود، كدار مموه سقفها بالذهب جاز. لا أعلم فيه خلافا، وكذلك لو باع دارا بدار، مموه سقف كل واحدة منهما بذهب أو فضة جاز؛ لأن ما فيه الربا غير مقصود بالبيع، فوجوده كعدمه. وكذلك لو اشترى عبدا له مال، فاشترط ماله وهو من جنس الثمن، جاز إذا كان المال غير مقصود، ولو اشترى عبدا بعبد، واشترط كل واحد منهما مال العبد الذي اشتراه، جاز إذا لم يكن ماله مقصودا؛ لأنه غير مقصود بالبيع، فأشبه التمويه في السقف، ولذلك لا تشترط رؤيته في صحة البيع، ولا لزومه، وإن باع شاة ذات لبن بلبن، أو عليها صوف بصوف، أو باع لبونا بلبون، وذات صوف. بمثلها، ففيه وجهان:
أحدهما: الجواز، اختاره ابن حامد، وهو قول أبي حنيفة، وسواء كانت الشاة حية أو مذكاة؛ لأن ما فيه الربا غير مقصود فلم يمنع، كالدار.
(١) صحيح البخاري البيوع (٢١٧٦)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٤)، سنن الترمذي البيوع (١٢٤١)، سنن النسائي البيوع (٤٥٦٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٥٨)، موطأ مالك البيوع (١٣٢٤).