ولكي يحقق الإنكار ثمرته ينبغي للقائم بالإنكار أن يراعي البيئة والعادات سواء من حيث معرفة مقدار الالتزام بأحكام الإسلام، أو معرفة نوع المخاطب وما يناسبه من أنواع الخطاب، وهل المخالفة شائعة بين الناس، أو بين فئة أو فئات معينة، وهل لمجاهر بها أو لا يجاهر، وهل فعل المنكر باستمرار أو في أوقات معينة، وهكذا؟
إن من مقتضى معرفة ذلك حسن التصرف في التعامل مع المنكر عليه حيث يجب إنزال الناس منازلهم، فنصيحة الأمي غير نصيحة المتعلم، والحاكم غير نصيحة المحكوم، والمعاند غير خالي الذهن، وما يلزم ذكره للمجاهر يختلف عن غير المجاهر، ومن يتكرر منه الفعل غير من فعل المنكر مرة واحدة أو مرات محدودة.
والتعامل مع المرتكبين للمنكرات الشائعة بين الناس يختلف عن التعامل مع مخالف ارتكب مخالفة غير شائعة. يقول ابن تيمية:(ولا بد من العلم بحال المأمور والمنهي)(١) فإن العلم بحاله يجعلك تستكشف كافة أفعاله والخبير بالشيء يسهل عليه فهمه، ويتمكن من كشف أمره، وإصلاح حاله فهو إذن بها خبير، وبإدراك شأنها بصير، وهو فيما يقدره من إنكار يكون به حكيما.