للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علانية فقد فضحه وشانه) (١).

والقائم بالإنكار ينبغي أن يراعي حال المنصوحين وظروفهم، وتوقع الأوقات المناسبة لقبولهم النصيحة؛ لتسري إلى القلوب برفق، وتتعمق إلى المشاعر بلطف لتجد مكانا تستقر فيه. ومن دواعي القبول ألا يسعى القائم بالإنكار إلى إظهار أخطاء المنصوح؟ لأنها قد تقع منه عن جهل، أو حسن نية وهذا يقتضي عدم التحامل على المخالف، أو ترذيله، أو تقبيحه.

والقائم بالإنكار يستحسن له أن يعرف بنفسه ويظهر منزلته التي تؤهله للنصح، فيوسف عليه السلام قبل أن ينصح صاحبيه في السجن أخبر عن نفسه؛ لأنهما يجهلان حاله، قال سبحانه حكاية عنه: قال {لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} (٢) {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} (٣).

بعد هذا التعريف قام بنصحهما قبل أن يقضي حاجتهما، وهكذا يكون القائم بالإنكار مدركا لواجبه أثناء أداء حياته اليومية حتى وإن كان داخل السجن.


(١) انظر المجموع، ج ١ ص ٣١، وصحيح مسلم بشرح النووي، ج ٢ ص ٢٤.
(٢) سورة يوسف الآية ٣٧
(٣) سورة يوسف الآية ٣٨