غير أن هذا العلاج - وإن كان هو العلاج الوحيد لهذه الظاهرة - لم يسر سيره الذي ينبغي أن يسيره في كثير من الشعوب الإسلامية؛ حيث تصدى للفتوى كثير ممن لا تتوفر فيهم شروط المفتي، ولا تكتمل فيهم كثير من الأمور التي ينبغي لمن نصب نفسه لهذا المنصب أن يتفطن لها، وذلك ناتج في كثير من الأحوال عن قلة من هو أهل لهذا المنصب، وانغماره في خضم هذه الأمواج الهائلة من الجهلة بأحكام دينها؛ وحب كثير ممن شدا بقسط قليل من العلم للظهور والتبوء للمكان الذي لم يتأهل بعد لأن يتسنم ذروته.
ومن أجل ذلك كله آثرت أن يكون هذا البحث متناولا للمفتي في الشريعة الإسلامية.
ولن يخفى على رواد هذا الميدان أن الإلمام به، والتعمق في جزيئاته - في بحث قصير كهذا - بعيد، إن لم يكن مستحيلا.
لذا فإنني سأقتصر فيه على:
التعرف على المفتي.
أقسام المفتين.
منزلة المفتي في الشريعة الإسلامية.
شروط من يتصدى لهذا المنصب العظيم.
وجملة أمور مما ينبغي له أن يتفطن لها حينما يمارس الفتوى، وأختمه بخاتمة ألخص فيها ما أنتهي إليه من نتائج، مذيلة باقتراحات تهدي إليها تلك النتائج، وتؤكد ضرورتها، سائلا الله (سبحانه) أن يمدني بعونه فيما أترسمه من خطوات، وإلهامه فيما أقرره من حقائق، وتوفيقه فيما أصل إليه من نتائج ومقترحات.