للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا ظن الكافرين، فأوضح الله سبحانه أنه خلق السماوات والأرض بالحق ليعرف الناس بنفسه وقدرته العظيمة، وأنه المستحق لأن يعبد.

فعليك يا عبد الله، أن تعرف ربك بأسمائه وصفاته ومخلوقاته العظيمة، وأنه هو معبودك الحق، ولتعمل بذلك؛ فكثير من الكفار بل أكثرهم قد عرفوا أن الله ربهم، وأنه خالقهم ورازقهم، ولكن لم يعبدوه وحده، بل أشركوا معه غيره فصاروا إلى النار.

فلا بد أن تعرف ربك، ولا بد مع المعرفة أن تعبده وحده بالإخلاص دون كل من سواه، وأن تؤدي حقه وتترك الشرك به ومعصيته، لا بد من هذا كله، فكفار قريش وغيرهم يعرفون ربهم، ويعرفون أن الله خالقهم ورازقهم؛ كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (١) الآيات، لكن كفروا بشركهم بالله وعبادتهم الأصنام والأولياء مع الله ونحو ذلك، وامتناعهم عن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتصديقه في عبادة الله وحده فصاروا كفارا بذلك، فلا بد أن تؤمن بالله ربا وإلها ومعبودا بالحق، ولا بد أن تؤمن بأسمائه وصفاته على الوجه اللائق به من غير تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف، ولا بد من تصديق رسوله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به.

وعلى هذا الأصل الأصيل تؤدي حقه من صلاة وصيام وغير ذلك من العبادات، وتدع معصيته من الشرك بالله وسائر المعاصي فالتوحيد


(١) سورة الزخرف الآية ٨٧