فمن ظلم يعامل بما يقتضيه ظلمه، يعامل بالقوة من طريق أهل القوة، القوة من الجهة المختصة التي تستطيع أن تعمل بالقوة وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (١)».
فمن استطاع أن يغير باليد فعل ذلك باليد، إذا كان المنكر له سلطة التغيير كالهيئة أو القاضي أو الأمير فيعمل بما عنده من السلطة، أما إذا كان ما عنده سلطة فينكر باللسان أو يغير باللسان حتى لا يشتبك مع الناس في الشر، وحتى لا يقع منكر أكثر وأشد، يقول: يا عبد الله، اتق الله بالكلام الطيب بالأسلوب الحسن، فإن عجز بالكلام أنكر بقلبه وكره بقلبه ولا يحضر المنكر، بل عليه أن يفارق أهل المنكر. هكذا المؤمن لا يترك الواجب حسب الطاقة.
فعليكم أيها الإخوة المسلمون في جميع أرض الله تقوى الله في كل وقت والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه، وعلى كل واحد منكم تقوى الله فيما يأتي ويترك، وأن يحاسب نفسه في أي عمل؛ هل هو طاعة لله أو معصية لله؟ فإن كان طاعة لله نفذه، وإن كان معصية لله تركه، وهكذا مع الناس لا يحقر نفسه، إذا رأى المنكر يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالكلام الطيب لا بالعنف والكلام القبيح، كأن يقول يا حمار يا كلب، بل عليه أن يقول: يا عبد الله، يا فلان، يا
(١) صحيح مسلم الإيمان (٤٩)، سنن الترمذي الفتن (٢١٧٢)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠٠٩)، سنن أبو داود الصلاة (١١٤٠)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٧٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٥٤).