للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتج الطحاوي لإجازة الربا مع أهل الحرب في دار الحرب بحديث النبي عليه الصلاة والسلام: «أيما دار قسمت في الجاهلية فهو على قسم الجاهلية (١)» الحديث. وإنما اختلف أهل العلم فيمن أسلم، وله ثمن خمر أو خنزير لم يقبضه، فقال أشهب والمخزومي: (هو له حلال بمنزلة ما لو كان قبضه)، وقال ابن دينار وابن أبي حازم: (يسقط الثمن عن الذي هو عليه كالربا)، وأكثر قول أصحابنا على قول أشهب والمخزومي.

هـ - قال النووي: (فرع الربا يجري في دار الحرب جريانه في دار الإسلام). وبه قال مالك، وأحمد، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وعن أبي حنيفة: أن الربا في دار الحرب إنما يجري بين المسلمين المهاجرين، فأما بين الحربيين وبين مسلمين لم يهاجرا أو أحدهما فلا ربا، وقال: (إن الذميين إذا تعاقدا عقد الربا في دار الإسلام فسخ عليهما). فالاعتبار عنده بالدار، وعندهما الاعتبار بالعاقد، فإذا أربى الذي في بلاد الإسلام من الذمي لم يفسخ، كذا قال القفال في شرح التلخيص قال: (وهكذا سائر البياعات الفاسدة). والله أعلم.

واحتج أبو حنيفة رضي الله عنه بحديث مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ربا بين مسلم وحربي في دار الحرب»، وبأن أموال أهل الحرب مباحة للمسلم بغير عقد، فالعقد أولى، ودليلنا عموم الأدلة المحرمة للربا؛ لأن كل ما كان حراما في دار الإسلام كان حراما في دار الشرك، كسائر الفواحش


(١) موطأ مالك الأقضية (١٤٦٥).