للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثل هذه الحال أن تغتسل وتتنظف، كما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسماء بنت عميس أن تغتسل لإحرامها (١) ثم تستثفر وتطوف على حسب حالها؛ لأن هذا أقصى ما تقدر عليه ويسقط شرط الطهارة بالعجز عنه، كما لو عجز المصلي عن ستر العورة واستقبال القبلة ولقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (٢) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (٣)»، فهذه المرأة لا تستطيع إلا هذا، وقد اتقت الله ما استطاعت فلا يلزمها غير ذلك، أما لو أمكنها أن تقيم بمكة حتى تطهر وتطوف، فإنه لا يجوز لها أن تطوف قبل ذلك، والله أعلم.

أما أدلة من لم يشترط الطهارة للطواف فهي عامة فتخصصها أدلة من اشترط الطهارة، وما روي من آثار تجيز الطواف بدون طهارة فهي اجتهادات إن صحت لا تقاوم الأدلة الصحيحة الصريحة.

أما من فرق بين الحدث الأكبر والحدث الأصغر فاشترط الطهارة للطواف في الحدث الأكبر ولم يشترطها في الحدث الأصغر فالقياس صحيح يرده فإن علة المنع من الطواف واحدة وهي عدم الطهارة وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: «حتى تطهري (٤)» أو «حتى تغتسلي (٥)».

واشتراط الطهارة أحوط في الدين وأبرأ للذمة. ومادام أن الطواف


(١) صحيح مسلم مع شرح النووي ٨/ ١٣٣
(٢) سورة التغابن الآية ١٦
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ٩/ ١٠١
(٤) صحيح البخاري الحيض (٣٠٥)، صحيح مسلم الحج (١٢١١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٧٣).
(٥) صحيح مسلم الحج (١٢١١).