للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشافعية، (١) واستدلوا بقولهم: (بأن ما وجب فيه محاذاة البيت، وجبت محاذاته بجميع البدن كالاستقبال في الصلاة، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استقبل الحجر واستلمه، وظاهر هذا أنه استقبله بجميع بدنه ولأن الطواف على البدن كله، لا على بعض البدن دون بعض، فلم يصح طوافه إلا إذا حاذى الركن ببدنه كله. والذين قالوا: يجزئه الطواف بمحاذاة الحجر الأسود ببعض البدن منهم: المالكية (٢) وأحد القولين عند الشافعية وهو القديم (٣) واحتمال عند الحنابلة (٤)، واستدلوا بقولهم (لأنه لما جازت محاذاة بعض الحجر حازت محاذاته ببعض البدن، ولأنه حكم يتعلق بالبدن فأجزأ فيه بعضه. ولأن الواجب طواف بالبيت، وموضع البداءة الحجر وقد بدأ منه).

والراجح عندي أن البدء من الحجر الأسود شرط لصحة الطواف لاستمرار فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع قوله: «خذوا عني مناسككم» وأنه يجزئ الاستقبال ببعض البدن، ويصح طوافه؛ لأنه لو كان الاستقبال للحجر بكل البدن شرطا لكان في ذلك حرج شديد، وما جعل الله علينا في الدين من حرج، ولو كان ذلك شرطا في صحة الطواف لبينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصحابته الذين حجوا معه وعددهم كبير؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، لكن الذي ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه استلم الحجر الأسود


(١) المجموع ٨/ ٢٩.
(٢) مواهب الجليل ٣/ ٦٦، ٦٧.
(٣) المجموع ٨/ ٢٩.
(٤) الشرح الكبير مع المغني ٣/ ٣٩٤.