للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم من قال: (إنه سنة) (١).

واستدل ابن الهمام على الوجوب بفعل النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل المواظبة من غير ترك في طوافه كله في حجه وجميع عمره، وفعله عليه الصلاة والسلام في موضع التعليم؛ لأنه كان يقول: «خذوا عني مناسككم»، وذلك تعليم من النبي صلى الله عليه وسلم مناسك الحج، فيحمل هذا الفعل على الوجوب إلى أن يقوم دليل على عدمه.

ومن أدلة الحنفية على عدم اشتراط الترتيب إطلاق قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٢)، فالطواف مطلق من غير شرط البداية باليمين أو باليسار، ولأن الترتيب ترك هيئة فلم تمنع الإجزاء، كما لو ترك الرمل والاضطباع.

واستدل الجمهور على اشتراط الترتيب بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه جعل البيت على يساره في الطواف، وقال: «لتأخذوا مناسككم (٣)» وذلك تعليم منه صلى الله عليه وسلم مناسك الحج. ولأن الطواف عبادة متعلقة بالبيت، فكان الترتيب شرطا لصحتها كالصلاة.

ويظهر لي رجحان قول الجمهور بأن الترتيب شرط لصحة الطواف؛ لأنه فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم المبين كيفية الطواف، وهذا الفعل مفسر لقوله تعالى:


(١) بدائع الصنائع ٣/ ١١٠٦.
(٢) سورة الحج الآية ٢٩
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ٩/ ٤٥.