للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يعترضه، كما قال سبحانه: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (١).

ومن الصفات التي يحبها الله للدعاة الصادقين: الذكاء، وقوة الحفظ، والصبر والتحمل، والشجاعة في الحق، وعدم الخوف إلا من الله جل وعلا، وصفاء الذهن، وسرعة البديهة.

وكل صفة من هذه الصفات، تعني شيئا في حياة العالم المؤمن بربه، وراء كونها طبعا جبلت عليها نفسه، فإنها تترك أثرا في الآخرين، الذين يتعلمون منه في كل موقف يمر، ويستفيدون من المواقف التي جابهها، وكيف أعانه الله على التصدي لها، وأظهره الله على خصومه، كما هي سنة الله مع الداعين إليه على بصيرة، وفي المقدمة أنبياء الله الذين تحملوا من أعدائهم ما الله به عليم، بدء بنوح الذي آذاه قومه، وإبراهيم الذي حاولوا إحراقه وموسى وما ناله من بني إسرائيل، وقبل ذلك من فرعون وأعوانه، ويوسف الذي كاد له أقرب الناس إليه وهم إخوته، حسدا وغيضا حتى بيع كالرقيق، ثم أودع السجن، ومكث فيه بضع سنين، وعيسى الذي حاولوا قتله، ورموا أمه مريم العذراء بالفحش، ومحمد صلى الله عليه وسلم، الذي أوذي في نفسه وفي أهل بيته بقصة الإفك، وتصدى له عداوة وبغضا عمه أبو لهب. . .

وهكذا من سار في هذا الطريق - في القديم والحديث - لا بد أن يلقى العنت من شياطين الإنس والجن، ولكن الصبر عاقبة المتقين، وللصبر نتائج دنيوية عاجلة بإظهار ما صبر الإنسان من أجله، وتهيئة أنصار له، وظهور دلائله حتى يدافعوا عنه، وينتصروا لمن قام عليه، وهذا من نصر الله لعباده الصادقين: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (٢)


(١) سورة فصلت الآية ٣٥
(٢) سورة غافر الآية ٥١