للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتتابعة بالتكاتف والتآلف، وقوام حياة المجتمع بالتكافل والتراحم والتعفف والعفاف والطهارة، فيما يجري فيه من معاملات، وفيها قوام حياة الإنسانية، وما يحيط الحقوق فيها من ضمانات مرتبطة بعهد الله، كما أنها بدأت بتوحيد الله.

إن الأمور التي جمعتها هذه الآيات الثلاث لهي أمور هائلة، تصدرتها قضية الدين الأساسية، قضية العقيدة والتوحيد، وإفراد الله بالعبادة والاستسلام لله، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك، قال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} (١) - لا ما تدعونه أنتم أنه حرمه بزعمكم - لقد حرم عليكم ربكم الذي له حق الربوبية، وهي القوامة والتربية والتوجيه والحاكمية، فهذا حقه المطلق وموضع سلطانه.

فالباري جل وعلا قد حرم على الناس الشرك، والقاعدة التي يقوم عليها بناء العقيدة، وترجع إليها التكاليف والفرائض، هي الأصل الذي يتعين أن يستقر ويثبت قبل الدخول في الأوامر والنواهي، وقبل تفصيل التكاليف والفرائض، فيتعين على الناس أن يعترفوا بالله ربا وإلها، وحاكما ومتصرفا، في كل أحوالهم: يؤمنون بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا رسولا.

إنها دعوة لتنقية الضمير من شوائب الشرك، وتنقية العقل من شوائب الخرافة، وتنقية المجتمع من عادات وتقاليد الجاهلية، وإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. إن الشرك في كل صوره وأشكاله، هو


(١) سورة الأنعام الآية ١٥١