للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن كلا منها جريمة قتل من نوع ما، بل إنها جرائم قتل في الحقيقة.

فالجريمة الأولى: الشرك بالله فهي قتل للفطرة.

والثانية: قتل الأولاد وهي تحطيم للأسرة.

والثالثة: الزنا جريمة قتل للجماعة.

والرابعة: جريمة قتل للنفس المفردة.

فلا يجوز إذا قتل النفس التي حرم الله قتلها في حال من الأحوال، إلا في حال فعلها لشيء يوجب قتلها، فقد أخرج الإمامان البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة (١)»؛ وذلك لأن الإسلام ينظر إلى وجود الإنسان على أنه بنيان بناه الله تعالى، فلا يحق لأحد أن يهدمه إلا بالحق، وبذلك يقرر الإسلام عصمة الدم الإنساني، ويعتبر من اعتدى على نفس واحدة فكأنما اعتدى على الناس جميعا، قال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (٢).

وبهذه الأوامر والنواهي: تصان الدماء، وتحترم الأعراض، ويسود الأمان والاطمئنان بين الناس فـ «كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله


(١) متفق عليه.
(٢) سورة المائدة الآية ٣٢