للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكانا غير مكان الإحصار؛ لأنه لو كان موضع الإحصار محلا للهدي لكان بالغا محله بوقوع الإحصار، ولأدى ذلك إلى بطلان الغاية المذكورة في الآية؛ فدل ذلك على أن المراد بالمحل هو الحرم؛ لأن كل من لا يجعل موضع الإحصار محلا للهدي فإنما يجعل المحل الحرم، ومن جعل محل الهدي موضع الإحصار أبطل فائدة الآية وأسقط معناه، ومن جهة أخرى وهو أن قوله تعالى: {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} (١) إلى قوله: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٢) ودلالته على صحة قولنا في الحل من وجهين: أحدهما: عمومه في سائر الهدايا، والآخر: ما فيه من بيان معنى المحل الذي أجمل ذكره في قوله: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (٣) فإذا كان الله قد جعل للمحل البيت العتيق، فغير جائز لأحد أن يجعل المحل غيره، ويدل عليه قوله تعالى في جزاء الصيد: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (٤) فجعل بلوغ الكعبة من صفات الهدي فلا يجوز شيء منه دون وجوده فيه، كما أنه لما قال في الظهار وفي القتل: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} (٥) فقيدها بفعل التتابع لم يجز فعلهما إلا على هذا الوجه، وكذلك قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (٦) لا يجوز إلا على الصفة المشروطة، وكذلك قال أصحابنا في سائر


(١) سورة الحج الآية ٣٠
(٢) سورة الحج الآية ٣٣
(٣) سورة البقرة الآية ١٩٦
(٤) سورة المائدة الآية ٩٥
(٥) سورة النساء الآية ٩٢
(٦) سورة النساء الآية ٩٢