للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقوله - صلى الله عليه وسلم - «أبالله تعلموني أيها الناس» إلى قوله: ومن وجد هديا فلينحر صريح في الأمر بالنحر في ذلك الوقت الذي ألقى فيه كلمته التوجيهية وقول جابر: «فكنا ننحر الجزور عن سبعة (١)» صريح في الامتثال لأمره - صلى الله عليه وسلم - يومئذ وقول ابن عباس «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم يومئذ غنما فأصاب سعد بن أبي وقاص تيس فذبحه عن نفسه (٢)» بين أن ذلك هو زمن أمره - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالتحلل من الحج وفسخه إلى عمرة ويؤيد ذلك روايتا مسلم وأحمد عن أبي الزبير عن جابر «فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في الهدية وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم (٣)».

ورواية عكرمة عن ابن عباس صريحة في أن الغنم التي قسمها - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه سعد كان يوم النحر.

وبذلك يتضح التعارض بين الروايتين ويتعين المصير إلى الترجيح وعليه فيمكننا ترجيح رواية الحاكم على رواية الإمام أحمد بالأمور الآتية:

أ - إن رواية الحاكم فيها قصة ورجال الحديث وحفاظه متفقون على أن القصة في الحديث من أدلة حفظه قال ابن القيم - رحمه الله - في معرض توجيهه: القول بالأخذ بحديث عائشة في إنكارها على زيد بن أرقم بيعه بالعينة قال: وأيضا فإن في الحديث قصة وعند الحفاظ إذا كان فيه قصة دلهم على أنه محفوظ (٤).

ب - إن دلالة رواية الحاكم على أن سعد بن أبي وقاص ذبح تيسه بعد إحلاله من العمرة مؤيد برواية مسلم وأحمد عن جابر «فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في الهدية وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم (٥)» قال أبو الزبير راوي الحديث عن جابر: ويعني بقوله: حين أمرهم يعني إحلال الفسخ الذي أمرهم به في حجة الوداع اهـ.

ت - إن رجال رواية الحاكم ثقات وعلى شرط مسلم كما ذكر ذلك الحاكم وأقره الذهبي وفيهم عطاء أفقه الناس في المناسك ومن أكثرهم علما وورعا وتقى وقد روى صدرها عن جابر عطاء ومجاهد وروى عجزها عن ابن عباس عطاء.

ث - إن رواية الحاكم مؤيدة بما روى الطبراني عند الهيثمي في مجمع الزوائد في باب الخطب في الحج حيث قال: وعن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم يومئذ في أصحابه غنما فأصاب سعد بن أبي وقاص تيس فذبحه فلما وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفة أمر ربيعة بن أمية بن خلف فقام تحت يدي ناقته وكان رجلا صيتا فقال: " اصرخ أيها الناس: أتدرون أي شهر هذا (٦)»؟ " إلى


(١) سنن الترمذي الأضاحي (١٥٠٢)، سنن أبو داود الضحايا (٢٨٠٧)، سنن ابن ماجه الأضاحي (٣١٣٢)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٣٥)، موطأ مالك الضحايا (١٠٤٩)، سنن الدارمي الأضاحي (١٩٥٥).
(٢) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٠٧).
(٣) صحيح مسلم الحج (١٣١٨).
(٤) إعلام الموقعين ج٣ ص٢١٧.
(٥) صحيح مسلم الحج (١٣١٨).
(٦) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٠٧).