أن لا يقيم بها إلا ثلاث ليال، ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح، ولا يدعو منهم أحدا.
قال: فأخذ يكتب الشرط بينهم علي بن أبي طالب، فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقالوا: لو علمنا أنك رسول الله لم نمنعك ولتابعناك، ولكن اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله، فقال: أنا والله محمد بن عبد الله، وأنا والله رسول الله، قال: وكان لا يكتب قال: فقال لعلي: امح رسول الله، فقال علي: والله لا أمحاه أبدا، قال: فأرنيه، قال: فأراه إياه، فمحاه النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده (١)».
فقول الصحابي الجليل:(وكان لا يكتب) دليل على عدم معرفته - صلى الله عليه وسلم - لفن الكتابة، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - لعلي: أرنيه دليل على عدم تمكنه من قراءة ما كتب، وإلا لكان بادر إلى محو العبارة التي يريد محوها، من غير أن يطلب من علي - رضي الله عنه - أن يحدد له موضعها، ويدله عليها.
وقد أجمعت الأمة سلفا وخلفا، على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أميا، لا يحسن الكتابة، ولا يقرأ من كتاب، وكان ذلك معروفا عنه - صلى الله عليه وسلم - بالعلم المستفيض في عصره، بين قومه، وبين غيرهم ممن جاورهم أو خالطهم وكان بعيدا عنهم، بحيث يستحيل معه إنكار ذلك، كما وكان ذلك معروفا عنه - صلى الله عليه وسلم -، لدى أهل الديانات الأخرى، لما
(١) أخرجه البخاري ٣١٨٤، في الجزية، والموادعة: المصالحة على ثلاثة أيام، واللفظ له، مسلم ١٧٨٣، في الجهاد والسير، صلح الحديبية، أحمد ١/ ٨٦ و ٤/ ٣٣٠ و ٥/ ٢٩١. أمحاه: لغة في أمحوه، وجلبان السلاح: السلاح مغمودا في جرابه.