للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد اعتمد أصحاب هذا الرأي على أدلة بعضها من الكتاب والسنة وبعضها من العقل والمنطق.

أولا: دليلهم من الكتاب:

قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (١).

ووجه الدلالة من هذه الآية أنها تفيد إطلاق الحرية للبائع، والتسعير حجر عليه وإلزام له بصفة معينة في البيع؛ إذ قد لا يكون راضيا به فيكون كالأكل بالباطل الذي نهت الآية الكريمة عنه.

* * *

المناقشة: نوقش هذا الدليل بأن التسعير لا يخالف هذه الآية الكريمة؛ لأن التسعير ما هو إلا إلزام للتجار ببيع السلعة بسعر المثل الذي يراعى عند تحديده مصلحة البائع والمشتري، وعلى هذا فلا يكون فيه أكل لأموال الناس بالباطل، بل على العكس من ذلك نجد أن ترك الحرية المطلقة للتجار ليبيعوا بأزيد من القيمة الحقيقية للسلعة مستغلين في ذلك حاجة الناس لها هو بعينه أكل أموال الناس بالباطل.

فالتسعير العادل الذي أذنت فيه الشريعة ليس فيه أكل المشتري مال التاجر بغير حق؛ لأن السعر يراعى فيه القيمة الحقيقية للسلعة مع إضافة كسب معقول للتاجر.

ويعتبر إجبار التاجر على البيع في هذه الحالة إكراها بحق، ويكون من جنس إكراه المدين على بيع ماله لوفاء دينه.

فإن قيل: وما وجه الحق في إجبار البائع على البيع بسعر محدد؟

قلنا: إن إرخاء الأسعار للمسلمين عامة ومنع الإجحاف بهم واستغلالهم من أهم الحقوق.

* * *


(١) سورة النساء الآية ٢٩