للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التكلف) (١).

وقال السندي في حاشيته على سنن النسائي: (إذا كان الشهر مختلفا فالعبرة برؤية الهلال، ولذلك ما كلفنا الله تعالى بحساب أهل النجوم، ولا بالشهور الشمسية الخفية، بل كلفنا بالشهور القمرية الجلية، لكنها مختلفة، فالعبرة حينئذ للرؤية) (٢).

أما شيخ الإسلام ابن تيمية، فكان أسهب في بيان بطلان اعتماد علم الحساب أساسا لتقرير مواعيد العبادات عند المسلمين، مؤكدا على أن التزام رؤية الهلال، هي السنة التي ارتضاها الله لهذه الأمة، في أمور عباداتها.

قال - رحمه الله -: فإنا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام، أن العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج أو العدة أو الإيلاء، أو غير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال، بخبر الحاسب أنه يرى أو لا يرى لا يجوز، والنصوص المستفيضة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك كثيرة، وقد أجمع المسلمون عليه، ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلا، ولا خلاف حديث، إلا أن بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة، زعم أنه إذا غم الهلال، جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب، فإن كان الحساب دل على الرؤية صام وإلا فلا، وهذا القول - وإن كان مقيدا بالإغمام، ومختصا بالحاسب - فهو شاذ، مسبوق بالإجماع على خلافه، فأما اتباع ذلك في الصحو


(١) فتح الباري ٤/ ١٥٢.
(٢) سنن النسائي ٤/ ١٣٩ - ١٤٠، الطبعة الأولى ١٩٣٠ م، دار الفكر، بيروت، بشرح السيوطي وحاشية السندي.