وما من نعمة - يمسك الله معها رحمته - حتى تنقلب هي بذاتها نقمة. وما من محنة - تحفها رحمة الله - حتى تكون هي بذاتها نعمة. . ينام الإنسان على الشوك مع رحمة الله - فإذا هو مهاد، وينام على الحرير - وقد أمسكت عنه - فإذا هو شوك القتاد - ويعالج أعسر الأمور - برحمة الله - فإذا هي هوادة ويسر. ويعالج أيسر الأمور - وقد تخلت رحمة الله - فإذا هي مشقة وعسر، ويخوض بها المخاوف والأخطار فإذا هي أمن وسلام، ويعبر بدونها المناهج والمسالك فإذا هي مهلكة وبوار.
ولا ضيق من رحمة الله، إنما الضيق في إمساكها دون سواه، لا ضيق ولو كان صاحبها في غياهب السجن، أو في جحيم العذاب، أو في شعاب الهلاك، ولا سعة مع إمساكها، ولو تقلب الإنسان في أعطاف النعيم وفي مراتع الرخاء، فمن داخل النفس برحمة الله تتفجر ينابيع السعادة والرضا والطمأنينة، ومن داخل النفس في إمساكها تدب عقارب القلق والتعب والنصب والنكد والمعاناة.
هذا الباب وحده يفتح وتغلق جميع الأبواب، وتوصد جميع النوافذ، وتسد جميع المسالك فلا عليك. فهو الفرج والفسحة، واليسر والرخاء. . وهذا الباب وحده يغلق وتفتح جميع الأبواب والنوافذ والمسالك فما هو بنافع. وهو الضيق والكرب والشدة والقلق والعناء.